كتب: عاطف صبيح
هذه المقالة كنت كتبتها في الزمن البائد، في جريدة المسائية الحكومية، في 2009، ولأن صاحبها من النوع المجترّ؛ رأيت من الحكمة ان أجترَّها أنا أيضاً، في هوجة سعاره لإعادة ترميم نفسه، من خلال عمليات النفخ والشفط و(الترقيع) الإعلامية للأديب الأدباتي أبو سالوبيت.
برهوم سالوبيت صحفى لامع متلمع ومتقمع على الآخر.. هو كبير القعدة، ولا تحكمه قاعدة؛ لأنه فوق القاعدة. هو فى الصحافة معلم، وفى الأدب (اللى من فنون الكتابة) كبير الأدباتية، وفى السياسة نجم، وفى الاقتصاد خبير (بالياء).. وتصوروا فى إيه؟ فى الدين حجة. له لوك ستايل (للأسف لم يقلده أحد) بالسالوبيت وطريقة خطابية يطل بها علينا بوجهه المتفحص للكون، فيسحرك بكلامه.. يشعرك وكأن الله بعد أن أنهى نزول الأنبياء اصطفى هذا دون البنى آدمين ليكون منحة للبشرية؛ لذا فهو يتكلم فى كل شىء وفى أى شىء، فأصبح نجم شاشة.. نجم شاشة إيه؟! دا وحش الشاشة.
بدأ كفاحه الصحفى من تحت.. من البدروم.. استغل صعوده إلى فوق فوق فوق السطوح. فأخذ يلوِّش ويلطِّش، حتى أصبح بين عشية وضحاها صاحب مذهب، بعد أن عقد صفقة الخمسين ألف نسخة يومية إخوانية، وتسللت من بين الشقوق جريدته التي كانت أسبوعية؛ ليصبح لها مريدون ومرددون لمانشيتاته الهتافية التظاهرية اليسارية الإسلامية القومية. وحتى لا يحرم نفسه من شىء أطل علينا فى السينما من باب التوجيب والتوجيه اليسارى، ولولا أن الله كان بنا رحيمًا، فجعل إطلاله مرة وغارت لحالها، لكانت كارثة فنية.
تمطع ذات مرة، فحوكم، لكن الإرادة السياسية أبت أن تمنحه جملة تضاف إلى سيرته الذاتية النضالية، فكان العفو الحكيم أقسى عليه من العقاب، والرحمة أشد من العذاب، فهل استوعب الدرس؟!
آااااه.. الزعيم اللامع والنجم الساطع أحب أن يمثل فى الطبيعة دور العجوز فى مسرحية “الهمجى”، وتعامل بمنطق “ما تقدرش”.
لكنه هو قدر.. قدر على الصحفيين الغلابة الذين يذكرونه بماضيه الأغبر، والذين يعملون تحته. فى مرة فكر وقدر، وأخيرًا قرر.. أن يزيد مرتبات الصحفيين من 150 و175 إلى 200 و250 جنيهًا (راتبه خمسون ألف جنيه بس)، فلما تكلم الصحفيون من باب الفضفضة من غلبهم، وليتهم ما نطقوا، جعَّر فيهم: “أنتم طماعين.. أنا اللى عملتكم.. أنا اللى خليتكم صحفيين.. أنا الكل فى الكل”.
وكثرت الـ “أنا” لتفوق “أنا” بتاعة فرعون.
عمومًا هو حر فى “أنا” بتاعته، أما “أنا” بتاعتنا فإن “الكل فى الكل”،
والذى ينتقد ويهاجم ويخربش ويعض الكل، يضيق صدره وينطلق لسانه الأفعوانى عندما يتجرأ أى واحد وتفلت من لسانه أى كلمة – لا قدر الله – ينتقده فيها.
والله إنى لأعجب من حكومتنا وصبرها على طول لسانه وكثرة نواحه وتهبيشه وتلويشه وتلطيشه، وأتساءل: لو دارت الدنيا بنا 180 درجة، فهل سيقبل ذلك الزعيم “الدشت” من أى صحفى أن ينتقد نظامه وحكومته؟! لن أقول بهذا الشكل الفج الممجوج، ولكن من باب التلميح؟! أو كما تقول الحكمة العربية: “كل لبيب بالإشارة يفهم”!
أعمال أخرى للكاتب:
مهرجان الجونة للأزياء والسليكون
“ما باخافش إلا من اللي خلقني” لا شجاعة ولا إيمان
الأسطرة سر نكبتنا الثقافية (مقال)
كسر غرور أمير الشعراء والعقاد.. محمود أبو الوفا سباق غايات البيان
العبوا فارم هيروز Farm Heroes لتعرفوا طباع الأعدقاء
بالإجماع.. الحب في الإسلام لا عيب ولا حرام
طفيت شمعي أنا بإيدي (من ديوان ترانيم وتهاويم – 2019)
مقالات عاطف صبيح: ثقافة السوَّاقين ولعبة الريست في الصدام البشري
نيران الغل أشد على نفوسهم من نار جهنم (مقال)