أشرقت الشمس علي الأشجار الوارفة المطلة في حبّ علي ساحة الملعب بأرض النشاط الرياضي في مستشفى العباسية للصحة النفسية .. ورفع عصفور رأسه يطل في سرعة يراقب ” صاحب الهمة ” هذا الذي يحمل الألوان الجيرية وأدواته يبدأ في تخطيط ” أرضية الملعب ” .. إنه الكابتن صابر حامد ” حبيب الملايين ” كما ينادونه الشباب المترددين علي النشاط الرياضي .. يستهل أول طقوس مبادرة ” عيّد من غيرها ” ..
سألت نفسي كثيرا ما الذي يمكن أن أضيفه وتخطه يمناي في هذه المناسبة بين الأطباء و المعالجين والمشرفين الرياضيين وغيرهم ممن نذروا أنفسهم للمساعدة والوقوف سندا للشباب المتعافين من الإدمان .. وظلت الأسئلة تتقافز في رأسي إلي أن عبرت بوابة المستشفي ، واستقبلني “الكابتن مجدي حسن” مشرف النشاط الرياضي ، بهتافات التحية وبجواره كثر من الشبان أبنائه و تلاميذه.. وما إن دلفت قدماي إلي الاستاد حتى لمحت العشرات يلتفون في اهتمام كبير حول “الدكتورة عبير مسعد “.. ( يطلقون عليها ” أمنا “) ..
البشاشة والسعادة المرسومة بتعابير الامتنان والتقدير والاستحسان كلها علامات رسمتها خفايا السريرة والأرواح علي وجوه كل الحضور .. وأحسست أن الجميع من دون اتفاق يجيبون علي الأسئلة في رأسي..
كابتن مجدي حسن: مرضي العباسية ينتظرون من وزارة الشباب ملعب ” ترتان”
هنا .. تعيش أجواء أصدق وأنبل لحظات و تسمع حالات نادرة لصفاء النفس البشرية .. نفوس استغنت عن الشرّ طواعية باقتناع وإيمان كبيرين استجابة لإخلاص الأطباء والمعالجين والمشرفين .. وتحوم حولك أنفاس توبة نقية تكلمك عن الله وكرمه – في امتنان وشكر بلا حدود – يستحق التفكير مرات ومرات عن علاقة الروحانيات وطريق الوصول إلي الله .
هنا .. تسمع أحد المتعافين يخاطب زملائه قائلا : ” من غيركم عمري ما كنت أكون في الكرسي دا ولا القعدة دي ومن غير دائرة الاستماع والمصارحة ما كنت استمريت وصمدت في طريق الخير ” ..
هنا .. تسمع حديث منثور يخرج من القلب إلي الوجدان والروح يبثه” المعروف بقراراته الحاسمة في العلاج ” الدكتور علاء نبيل : ” أنا أكثر واحد يحب التعامل مع المدمنين.. والرصيد مع الناس أهم شيء صدق وحقيقة .. والمشاعر توصل للناس و دايما لما تتكلموا .. اتكلموا بصدق .. عمر اللي قدامك ما ياخد روحك .. والأنبياء والرسل لم تتفق عليهم كل الناس .. وحتى ربنا هناك من اختلف علي قدرته .. ودايما أحتاج شيء من الأشخاص حولي .. ابحث عن الجزء الإيجابي واترك السلبي .. دور علي اللي يفيدك واللي مش عاجبك في شخص دور عليه في نفسك الأول .. علشان تتعري وتقول أفكارك علشان تعرف تواجه برّة .. أعرف أتعامل مع الدنيا في الخارج من غير مخدرات ..
لا حظ انت بتتغير .. والخارج كما هو .. لازم تتعلم تتعامل معهم إزاي .. أنا ممتن جدا لكيان العباسية .. وهدفنا دايما مصلحة المريض .. أتمني أن الدائرة تكبر وتفضل تكبر .. انتم كمدمنين متعافين أحسن مني أنا شخصيا لأن عندي عيوب .. ولا عندي الجرأة أقف وأعترف بأخطائي .. لكن .. أنتــــم أبطـــال .. وقفتم .. وذكرتم دا .. وتبرأتم من دا .. فشكرا جدا لكم كلكم.. وبحبكم كلكم ” .
حالة من التقدير والاحترام يتعامل بها المتعافين مع الجميع التسابق هنا والتباري في حسن الخلق وإظهار مدي الالتزام بتعاليم الأطباء والمشرفين ..
هنا تتحدث الدكتورة عبير مسعد عن : ” أعطوا لأولادكم فرصة أن يعيشوا حياة جديدة ” .. عن لماذا ينادونها بــ ” أمنا ” .. وكيف تتعامل كأمهم
.
كان صوته هنا دافئا كعادته إنه الكابتن مجدي حسن : ” نأمل من وزارة الشباب أن تجهز لنا ملعب بالمواصفات والجودة التي تليق بأبنائنا ” ..
وأسمع الحاضرين الكابتن صلاح سليمان محاضرة قوية عن ضرورة استمرار المبادرات الرياضية لدعم المتعافين من الإدمان ..
أترككم تشاهدوا وتتابعوا بأنفسكم ما ذكره هؤلاء وغيرهم من الشباب الذين أصبحوا أملا لغيرهم وتجربتهم مع التعافي وضرورة مواجهة المرض اللعين بأكثر من طريقة وحيلة وحكمة وفهم وعلم تحت إشراف المخلصين هنا في مستشفي العباسية للصحة النفسية.
أقيمت الاحتفالية بحضور الدكتورة منى عبد المقصود الأمين العام بالأمانة العامة للصحة النفسية والدكتور عماد مشالي مدير عام مستشفى العباسية والدكتور ياسر أمين مدير وحدة الإدمان والدكتورة عبير مسعد والدكتورة شيرين دحروج والكابتن مجدى حسن لاعب الزمالك الأسبق والمدير الفنى لفريق العباسية . والكابتن صابر حامد مسئول النشاط الرياضي والكابتن صلاح سليمان ،
وجاء نصيب الأسد من التحية والتفاعل والبهجة مع مطرب الأوبرا الشاب محمود منصور الذي قدم عدد من الأغانى الوطنية والترفيهية .. وقام بعض شباب التعافى بالغناء وإلقاء الشعر بحضور عدد من الإعلاميين .